الجماهير المصرية تنتفض من جديد لتكمل ثورت
شهادة من أحد الأناركيين المصريين
مئات الآلاف من المصريين يقاتلون في جميع أنحاء البلاد ضد جهاز الـ (خونتا العسكرية) القمعي . هذا التمرد الحقيقي الكبر لحشود المظلومين , ليس صداما بين الإسلاميين و الجيش , كما صورت بعض وسائل الإعلام . و قد تمكنت Anarkismo.net من إجراء حديث مع الرفيق / (ياسر عبد الله) عضو الحركة الإشتراكية التحررية المصرية و الذي أعطانا شهادته عن الصراع المعقد و احتمالات حدوث ثورة جماهيرية كاملة . [English] [Castellano] [Italiano] [Français]
منذ سقوط (مبارك) في فبراير الماضي , و مصر تحت حكم الـ (خونتا)1 العسكرية المعروفة باسم المجلس العسكري و الذي لم يمس الهياكل الأساسية للنظام الديكتاتوري . و قد جوبهت الإحتجاجات و الإضرابات بعنف غير عادي , و ووجهت الإتحادات العمالية و النقابات بقوانين صارمة جعلت من المستحيل عليها اتخاذ أي إجراء جدّي , و مورس التعذيب على نطاق واسع , مع حملة قمعية انتقائية ضد العناصر الثورية في الحركات الإشتراكية . و تعرض نحو إثنا عشر ألف شخص للمحاكمات العسكرية خلال الحملة التي شنتها الثورة المضادة ضد القوى الحية , و تضمنت تعبئة الشعب المصري ضد ثورة 25 يناير غير المكتملة . و قد تم كل هذا في ظل من تحفيز الصراع الطائفي بين المسلمين و المسيحيين من أجل تحويل الإنتباه عن مشاكل الشعب المصري الحقيقية . و وسط تدابير إستثنائية يتخذه المجلس العسكري لتعزيز سلطاته , تحركت الجماهير يوم الجمعة مجددا إلى ميدان التحرير تطالبه بالتنحي . خرج في هذا اليوم كل أطياف القوى السياسية , و بالأخص الإخوان المسلمون - و كان يوما هادئا نظرا لوجود عدد من الإتفاقات السرية مع المجلس العسكري - أقول خرجت القوى السياسية إذ خشيت أن تختطف الإنتخابات المزمع عقدها في 28 من نوفمبر - و ايا كانت نتيجتها - من قبل السلطة الحقيقية المتمثلة في المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري SCAF و كان المجلس العسكري قد مرر في وقت سابق مرسوما يعطي العسكر حق نقض الدستور الذي سيصاغ من قبل البرلمان المزمع انتخابه خلال أسبوع .
و قد جعلت إحتجاجات يوم الجمعة وسائل الإعلام تتحدث عن صدام بين الإخوان المسلمين و بين المجلس العسكري . لكن الصدام الحقيقي بدأ فعليا يوم السبت , عندما تعرضت مجموعة من 200 من ثوار التحرير الأشداء لهجوم وحشي من قبل الشرطة . و كان ذلك الشرارة التي أشعلت هذه الإحتجاجات التي شهدت مئات الالاف إن لم يكن الملايين من الناس , الذين سيطروا على الشوارع من جديد . هذه المواجهات الحالية ليس لها أية علاقة بالإسلام السياسي و الذي - مرة أخرى كما في 25 يناير - لم يكن الفاعل الرئيسي في الإحتجاجات . هذا إحتجاج يقوده نفس الناس الذين قادوا ثورة يناير . و الذين أدركوا الآن طبيعة الثورة المضادة الحقيقية التي يمثلها الجيش , و الذي يخفيها بصورة سيئة في هالة من القومية .
في هذه اللحظة بالذات . تندلع حرب شوارع في جميع المدن الرئيسية في مصر , و بخاصة في القاهرة و الإسكندرية و بورسعيد و السويس . كما اندلعت المظاهرات و الإشتباكات مع أجهزة المجلس العسكري القمعية في جنوب مصر . و قد تعرضت مراكز الشرطة للهجوم و وضعت المتاريس في الطرق و الشوارع ذات الأهمية . و استخدم القمع بشراسة : إذ لقي مالا يقل عن ستة أشخاص حتفهم حتىالآن و أصيب أكثر من ألف آخرون بجروح خطيرة , من قبل الجيش و قوات الامن المركزي , التي تمثل العمود الفقري لقوات مبارك القمعية . و قد أجلي المتظاهرون في ميدان التحرير قبل عدة ساعات بالقوة المصحوبة باستخدام المركبات المدرعة و الغاز الخانق ( الذي تفضل به أوباما للمجلس العسكري ) و طلقات الرصاص المطاطي و الذخيرة الحية - في مشاهد يذكّر بمجزرة شارع ماسبيرو في أكتوبر الماضي (أنظر http://anarkismo.net/article/20723 ) . و في هذه اللحظة بالذات (23:30) , تمكن المتظاهرون من استرداد التحرير مجددا من أجل الشعب و من أجل الثورة . و يهتف الشعب بسقوط المجلس العسكري و سقوط طنطاوي .
و في تمام الثانية عشرة مساءا أتيحت لنا الفرصة للحديث مع الرفيق ياسر عبد الله من الحركة الإشتراكية التحررية في مصر . و الذي شرح لنا ما يحدث في القاهرة . إن شهادته المباشرة على أحداث القاهرة هي الدليل الحي على أن الروح الثورية لى قيد الحياة و بصحة جيدة . و أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للثورات العربية . إن رفاقنا التحرريين في حاجة لجميع أشكال التضامن من أجل المضي قدما مع الشعب المصري من أجل التحرير .
جوزيه أنطونيو جوتيريز
العشرين من نوفمبر 2011
1 - ما الذي يحدث في ميدان التحرير في اليومين الأخيرين ؟ من هم المحتجون و ما هو سبب الصراع ؟
قبل أيام قليلة من يوم الجمعة (الثامن عشر من نوفمبر), بدأ عدد من أقارب مصابي و شهداء الثورة في الإعتصام في ميدان التحرير مطالبين بحقوقهم . لقد مضى على تنحى مبارك نحو عشرة أشهر و لم تتم محاكمة أي من المتهمين بقتل الناس و إطلاق النار خلال الإنتفاضة . كما أن المجلس العسكري (الخونتا العسكرية) قد أنشأت صندوقا بقيمة 200 مليون جنيه مصري (حوالي 25 مليون يورو) باسم "صندوق ضحايا الثورة" من أجل تعويضهم و أسرهم , لكنه لم يكن سوى دعاية : فالمجلس العسكري و حكومة شرف قد أعطت بعض الوظائف للمصابين كجامعي قمامة , و أتحدث حرفيا , لقد شعر مصابي الثورة بالإهانة , و بإضافة الإساءة إلى الإصابة , فقد قرروا البدأ في الإعتصام للتوصل إلى حل محترم . و في يوم الجمعة , و الذي كان مخططا له أن يكون مسيرة مليونية للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري و تسليم السلطة لمدنيين قبل أبريل 2012 . و قد استمر الإعتصام بعد المسيرة , بينما انطلقت مسيرة أخرى دعت إليها الأحزاب الإسلامية - التي هي أصلا ضد الإعتصام - و تحاول قصلرى جهدها من أجل الفوز فب الإنتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في الثامن عشر من نوفمبر .
و هكذا ترك الإعتصام المكون من بضع عشرات من الناس . و في يوم السبت التاسع عشر من نوفمبر , و في تمام الحادية عشرة صباحا بدأت قوات الأمن المركزي الهجوم على الاعتصام الذي لم يزد بأي حال من الأحوال عن مائتي معتصم , و الذين ردوا بدورهم على قوات الأمن المركزي . فبدأ الأمن المركزي في استخدام الغاز المسيل للدموع و في قيادة سياراتهم المدرعة نحو المتظاهرين و دهس بعضهم . و من ثم انضم بعض المتظاهرين الآخرين إليهم للدفاع عن ميدان التحرير . و هكذا بدأ كل شيء . هاجم الأمن المركزي التحرير , فقاومناهم و قد تمكنوا من السيطرة على ميدان التحرير لنحو نصف ساعة ثم تمكننا من استعادته و اكتساحه . . . و الآن في العشرين من نوفمبر , الساعة الثانية عشرة مساءا , تستمر الإشتباكات بين المتظاهرين و قوات الأمن المركزي و الشرطة العسكرية المتخفية في زي الشرطة .
2 - كانت جماعة الإخوان المسلمون حتى وقت قريب متحالفة مع السلطات افنتقالية . . لماذا يشتبكون الآن مع الشرطة كما ذكرت وسائل الإعلام الدولية ؟
بعد الإستفتاء على التعديل الدستوري في 19 مارس , تحالف الإخوان المسلمون و كل القوى الإسلامية الأخرى و بخاصة السلفيين مع المجلس العسكري . و في العشرين من مارس ذكر أحد الشيوخ السلفيين أن صناديق الإقتراع قالت " نعم للإسلام " . . . إنهم لا يرون في الإستفتاء لم يكن على التعديلات و لكن على الإسلام , و الذي انعكست روحه كما يرون على قرارات الناس في التصويت . و قد ادّعوا ان معظم المصوتين قد صوّتوا لهم لأنهم يمثلون الإسلام , و تصرفوا كما لو كان الإستفتاء عليهم . و من مارس فصاعدا عارض الإسلاميون أي تصعيد مباشر ضد المجلس العسكري لأنهم اعتقدوا أنهم سيستولون على السلطة عبر الإنتخابات المقبلة و لذلك كان عليهم أن يصلوا إلى تسوية مع الـ (خونتا) العسكرية . . . لكنهم يشعرون الآن أن المجلس العسكري قد خدعهم , مستغلا تأثرهم فقط لتوطيد سلطته . و الحقيقة أن الـ (خونتا) و الإسلاميين أشقاء متنازعين , يمكن أن يصرخ أحدهم في وجه الآخر لكن أحدهم لن يقاتل الاخر أبدا . و الإشتباكات الحالية ليس لها أية علاقة بالإخوان المسلمين أو بأية أطراف إسلامية أخرى , أو حتى أية أطراف أخرى أيا كانت انتماءاتها . فغالبية الأحزاب الآن تهدف إلى الانتخابات و ليس إلى الثورة . و قد أعلن تحالف يساري واحد فقط عن تفكيره في مقاطعة الإنتخابات , بينما ينصبّ اهتمام بقية الأحزاب الأخرى على الإنتخابات المقبلة فلم تنضم للإستيلاء على التحرير . من يقفون في التحرير الآن هم القوى الثورية الرئيسية و الشباب غير المنظم المستعد للقتال مرة أخرى من أجل حقوقه و دفاعا عن الثورة . إن الأحزاب السياسية كلها تبحث عن تسويات مع المجلس العسكري , في محاولة للفوز في الإنتخابات القادمة بهدف الإستيلاء على السلطة عبر الإتفاق مع المجلس العسكري . . . و عليه فإن القول بأن الإشتباكات الجارية هي من قبل الإخوان المسلمين أو أي قوة سياسية منظمة , ليس أكثر من كذبة كبيرة تتداولها وسائل الإعلام الكبرى .
3 - هل هناك أي فرصة أمام الحركة الشعبية في هذه الإحتجاجات ؟ هل تعتقد أن الجيش سيوطد سلطته أم ستنطلق الموجة الثورية من جديد ؟
إن احتمالات الحركة الشعبية الآن عالية جدا . . . فقد شعرت في التاسع عشر من نوفمبر بأجواء الخامس و العشرين من يناير . و كان الهتاف الأساسي " يسقط يسقط حكم العسكر " و " الشعب يريد إسقاط النظام " . كما وقعت اشتباكات أيضا في الإسكندرية و السويس . و بلغ عدد الضحايا حتى الآن - الساعة الثانية عشرة مساءا - قتيل واحد في القاهرة و قتيلين في الإسكندرية . . . و اليوم هناك خطة عمل ضد المجلس العسكري في جميع أنحاء مصر . لم يخطط لهذا العمل أيا من الأحزاب السياسية , و هذا هو الشيء الإيجابي , فبعد عشرة أشهر من الثورة أدرك الناس أن قوتهم تكمن في حركة جماعية بلا قيادة , و أدركوا أن جميع الأحزاب السياسية خونة يحاولون الحصول على بعض المقاعد في البرلمان . . لا أعتقد أن المجلس العسكري سيستطيع ترسيخ سلطاته . . . إنهم الآن في ورطة كبيرة , فمن ناحية يطالب حلفائهم بنقل السلطة عبر الإنتخابات و من ناحية أخرى يستمر المتظاهرون في الشوارع في الثورة . اعتقد أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد كافة أشكال العمل ضد المجلس العسكري .
ترجمة : نهى كمال
الخونتا العسكرية كلمة أسبانية تعني حكومة مدارة بواسطة جنرالات الجيش والمقصود هنا هو المجلس العسكري
This page can be viewed in
English Italiano Deutsch