|
َأسئلة من فلسطين
كثف قادة إسرائيل هجومهم الدموي على قطاع غزة بعد الغارات جوية التي قتل فيها مئات المدنيين. والهدف من ذلك ليس فقط إخضاع 1.5 مليون فلسطيني يتضورون جوعا وفقرا فحسب بل المجتمع البشري في جميع أنحاء العالم وتغيير معالم الخريطة السياسية. بعد تسعة أيام يجدر بنا أخذ بعض الوقت لتحليل ما يجري في خضم الأحداث المستمرة (تظاهرات وصلوات ومقابلات مع وسائل الإعلام
كثف قادة إسرائيل هجومهم الدموي على قطاع غزة بعد الغارات جوية التي قتل فيها مئات المدنيين. والهدف من ذلك ليس فقط إخضاع 1.5 مليون فلسطيني يتضورون جوعا وفقرا فحسب بل المجتمع البشري في جميع أنحاء العالم وتغيير معالم الخريطة السياسية. بعد تسعة أيام يجدر بنا أخذ بعض الوقت لتحليل ما يجري في خضم الأحداث المستمرة (تظاهرات وصلوات ومقابلات مع وسائل الإعلام).لمن يضيق وقتهم اسمحوا لي أن أبدأ مع استنتاجات وبعد ذلك شرح لمن يريد:
أ) عندما ينتهي هذا العدوان (وسوف ينتهي)فإن الجيش الإسرائيلي لن يخرج منتصرا
ب) الخريطة السياسية سوف تتغير ولكن ليس كما يريد القادة الإسرائيليين وقادة الولايات المتحدة أو حتى بعض الزعماء العرب
ج) نحن الفلسطينيين لنا فرصة لتحويل شرارات الوحدة إلى نار وحدة لا تطفأ حتى تغير هيكل القوة في الشرق الأوسط على نحو يؤدي إلى تحقيق العدالة في فلسطين وهزيمة للصهيونية والمتعاونين معها والمستفيدين منها. ولكن علينا أن نعترف بأخطائنا كأفراد وفصائل سياسية (بما فيها حماس وفتح والجبهة الشعبيةوالجبهةالديمفراطية الخ).
لنكون صادقين مع أنفسنا علينا أن ندرك أن بعض ما تأملته إسرائيل قد تحقق في حالات: عجز مجلس الأمن الدولي تحت تهديد الفيتو الأمريكي (والذي هو تحت تهديد اللوبي الصهيوني) ، خيبة أمل في الجامعة العربية، خيانة بعض الحكومات العربية ، اللامبالاة من قطاعات كبيرة من الرأي العام الإسرائيلي ، محاولات احتواء الغضب في الشارع (من رام الله إلى القاهرة إلى بغداد وغيرها) ، ونجاح القوات الإسرائيلية والصهيونية الدعائية الممولة بشكل جيد ليس فقط في منع التغطية الإعلامية من الميدان في غزة ولكن في السيطرة على الرسالة في جزء كبير من وسائل الإعلام الغربية المستسلمة. بعد 9 أيام من المجازر التي لا يمكن أن تخفى بدأت النتائج تتراجع. ولكن كانت هناك إخفاقات أخرى أكثر أهمية من الحرب الخاطفة الإسرائيلية:
1)
مقاومة وصمود قطاع غزة تأتي مفاجأة للمخططين على الرغم من المذابح. صورة واحدة فقط لطفل مصاب لا يزيد عمره عن 10 أعوام ورؤية جرح كبير في بطنه يظهر أمعائه لكنه لا يصرخ ، لا يصيح.. انه يتحدث (الألم واضح في عينيه وتعبيراته ولكن من دون دموع)، وربما مجرد غضب وعلامة استفهام أمام الكاميرا موجهة نحو العالم. هذا هو قطاع غزة اليوم. في صور أخرى تردد نساء شعارات ليست ضد المحتلين ومجرمي الحرب الذين يقصفونهم من السماء وإنما شعارات تدعو الشعوب العربية والإسلامية للنجدة "وامعتصماه"
2)
تضامن شعبي عارم مع غزة داخل أراضي عام 1948 (دولة إسرائيل الحالية) ، يشمل الآلاف من المتظاهرين في تل أبيب ، وأكثر من 100000 متظاهر في سخنين (المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل).
3)
تظاهرات حاشدة في الضفة الغربية تخللتها مواجهات مع القوات الإسرائيلية على الرغم من محاولات الشرطة الفلسطينية للتدخل. في منطقة بيت لحم وحدها تم تنظيم اعتصام ومسيرات يوميا منذ بدء الهجوم.
4)
تظاهرات حاشدة في العالم العربي بالرغم من الحظر المفروض عليها، وتعرض المتظاهرين للضرب من قبل حكومات تلتزم بمعاهدات سلام وهمية ولا تحمي حقوق وكرامة الإنسان. وطالب المتظاهرون بقطع جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل وبوحدة وتضامن حقيقي.
5)
مظاهرات حاشدة في الآلاف المواقع في باقي أنحاء العالم والتي بالحقيقة لا يمكن تجاهلها حتى عندما محاولة المحررين الإسرائيليين للتقليل من آثارها.
6)
دعم مادي يتدفق لقطاع غزة (على سبيل المثال حملة في المملكة العربية السعودية جمعت 32 مليون دولار في أول 48 ساعة).
7)
وجود الإنترنت وفشل إسرائيل في منع وصول جميع التقارير والتعتيم على ما يحدث وقطع الاتصالات مع قطاع غزة. تم توعية الملايين من الناس بما يحدث (إن تلقيكم هذا البريد الإلكتروني ليس سوى واحد من الأمثلة).
قد يكون من السهل القول إن العقلاء من البشر يستخلصون استنتاجات عقلانية وأن القبليين / العاطفيين هم الذين يسلكون في الطرق غير العقلانية. يدعي البعض أنهم ينظرون إلى الأمور بشكل عملي ، ومع ذلك يستنتجون أنه لا مفر من أن تهزم فلسطين لصالح الصهيونية اليهودية وبالتالي يجب علينا أن نقبل البانتوستانات والتي تسمى دولة على 9 ٪ من فلسطين التاريخية ومن دون السيادة. تذكرنا بكلمات الفيلسوف هيغل أن "ما نتعلمه من التاريخ هو أننا لا نتعلم شيئا من التاريخ".
يجب علينا كفلسطينيين أن نتحمل بعض المسؤولية عن هذا الوضع وهنا لا نعني الرؤساء فقط. نحن العرب والفلسطينيين كنا ضحايا الامبريالية الغربية والصهيونية ومخططات الاستعمار لمدة 100 عاما. نعم ومعظم مشاكلنا يمكن أن ترتبط مباشرة بذلك. نعم ولكن "الزعماء" الذين نلومهم منا (ومنكم يولى عليكم)ز ولكن لا يغير الله ما بقوم نحتا يغيرو ما بأنفسهم. قبل أن أكمل حديثي، لا بد أن أوضح أن قضايا ضغفنا لا تبرر ذبح شعبنا أو عمليات التطهير العرقي. إن جيشا يلقي قذيفة في سوق تجاري ويتسبب في هذا النوع من الدمار لن ينجح في البقاء أو الاستمرار أكثر من أي جيش فاشي آخر في التاريخ (انظر الفيديو المرفق والذي تم تصويره بعد دقائق من الهجوم الإسرائيلي على السوق في غزة :
http://muslimtv.magnify.net/video/ISRAEL-CARNAGE-CIVILI...HILDR
لسنا بحاجة للتذكير بالأعمال الإرهابية الصهيونية من جماعات مثل الهاغاناه ، وأرغون وشتيرن (اباء إرهابية الجيش الإسرائيلي الحالي). قبل اقامة إسرائيل كان هناك أكثر من 2000 اعتداء على المدنيين الفلسطينيين مما أسفر عن مقتل أكثر من 15000. وفي الأسابيع الستة التي سبقت الإعلان عن دولة إسرائيل نفذت هذة القوات 33 مجزرة بما فيها مذابح دير ياسين و الطنطورة.
أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين طردوا قبل 14 مايو 1948 (تأسيس اسرائيل. وثم شرعت الدولة الوليدة في توسيع أراضيها إلى أكثر مما هو موصى به في قرار التقسيم للجمعية العامة للامم المتحدة. وبذلك عندما أعلن وقف إطلاق النار كان لدينا دولة اسرائيل على 78 ٪ من فلسطين واحتلت الأردن 19 ٪ مما ترك شريحة صغيرة تسيطر عليها مصر وتدعى قطاع غزة. في هذا القطاع اليوم 1.5 مليون فلسطيني 70% منهم لاجئون من المدن والقرى المجاورة للقطاع. المزيد من التوسع تم في احتلال ما تبقى من فلسطين في عام 1967.
البروفيسور الراحل ادوارد سعيد كتب عن قطاع غزة في آب / أغسطس ، 2002 :
"كل فلسطيني أصبح سجينا. غزة محاصرة من سياج مكهرب على ثلاثة جوانب. يسجنو مثل الحيوانات غير قادرين على الحركة غير قادرين على العمل غير قادرين على بيع ما لديهم من الخضار أو الفاكهة ، وغير قادرين على الذهاب الى المدرسة وهم معرضون من الجو إلى الطائرات والمروحيات الاسرائيلية ، ويقتلوا مثل الديك الرومي على الأرض من قبل الدبابات والمدافع الرشاشة. ، وغزة هي كابوس انساني مع الفقر والجوع. الامل تم فقده من المصطلحات الفلسطينية وبقي فقط التحدي. ويجب على الفلسطينيين ان يموتوا الموت البطيء حتى يمكن لإسرائيل أن تجد الأمن الذي هو دائما على الأبواب ولكن لا يمكن أن يتحقق بسبب "الحاجة الأمنية" الخاصة الاسرائيلية. إن العالم كله يجب أن يتعاطف ، في حين أن صرخات الأيتام الفلسطينين والنساء المرضى المسنات ، والمجتمعات المنكوبة ، والسجناء المعذبين كلها لما تسجل ولا تسمع. ولا شك في انهم سيقولون لنا ان هذة الفظائع تخدم الهدف الأكبر وليست مجرداجرام سادي. على كل حال ان "الجانبين" في "دائرة العنف" الذي يجب أن يتوقف في وقت ما في مكان ما. يتعين علينا أن نتوقف وبسخط نعلن أنه لا يوجد سوى جانب واحد معه جيش ودولة والآخر هو شعب مشرد بدون دولة بدون حقوق أو أي وسيلة لتأمين هذه الأمور. فبي رأيي ان لغة المعاناة والحياة اليومية قد خطفت إو شوهت لأن تكون غير مجدية عدا عن قصة خيالية تنشر كشاشة لغرض المزيد من القتل والتعذيب -- ببطء بدرب وبلا هوادة. وهذا هو حقيقة ما يعاني الفلسطينيون ".
الأمور أصبحت أكثر صعوبة بعد ست سنوات. الاخوة الذين تحدثت معهم في غزة يقولوا أنهم أمام خيار الموت البطيء بالحصار والجوع أوالموت السريع بالأسلحة المتطورة. ولكنهم جميعا يريدون العيش في حرية وعدم الخضوع للارهاب الاسرائيلي. لماذا نجد الناس الذين لا يواجهون هذه الخيارات الرهيبة يقفوا متفرجين ويتصوروا التفاوض مع "جيش له دولة" (كما دعا زعيم إسرائيلي)؟
العدوان كما هو الحال في قوانين الفيزياء الأساسية يولد ردود فعل. ألم نرى أنه على مر السنين تعلم الفلسطينيين والعرب كيفية خوض الحرب؟ عندما نستخدم مصطلح الحرب لا يعني فقط مقاومة عنيفة (مع مختلف أشكالها ، بعضها البعض منا قد لا بؤيدها) ولكن كل أشكال وأساليب المقاومة للحروب (مثل وسائل الإعلام والحروب غير العنيفة والحروب من الأفكار وغيرها).
ولكن هل يمكن أن نعمل على نحو أفضل؟ هل يمكن أن نتعلم أفضل قتال ساحة وسائل الإعلام؟ بعد أن عملت على مدى 15 عاما في وسائل الاعلام الغربية أسأل نفسي لماذا لا يمكننا أن نفعل أفضل من ذلك. لماذا كان ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن خلال الفترات الحرجة من الانتفاضة الأخيرة لا يعرف الاعلام (أو على الأقل ليس لديه مصادر ومساعدات اعلامية جيدة تكتب له نقاط الحوار)؟ وكذا الحال في اعلام حماس الحماسي الموجه لمؤيديها. فلماذا لا نستخدم فلسطينيين متفوقين في مجال الاعلام الغربي (اشخاص مثل حنان عشراوي وعلي أبو نعمة وخالد عمايرة ومئات آخرين)؟ لماذا نتحدث عن ضرورة توافق فتح وحماس بينما مئات من الفلسطينيين يعيشون في نفس البلد ولا يتحدثوا مع بعضهم البعض لان لهم أفكار مختلفة حول التكتيكات؟ نتسائل هل سنرى قادة المنظمات الفلسطينية في الخارج والمجتمعات المحلية في مخيمات اللاجئين وغيرهم يدعون منافسيهم لاجتماعات تطلب نسيان خلافاتهم وبدأ صفحة جديدة وما إلى ذلك؟ سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما اذا كانت خلافاتنا ترجع مرة أخرى كما حصل بعد المجازر في جنين ونابلس في عامي 2002 و 2003؟
أعرف بعض الناس الآن يقولون أن هذا ليس هو الوقت لهذه التسائلات عندما يذبح شعبنا. ولكن شعبنا تحمل 100 سنة من المذابح الصهاينة المدعومة من الغرب ونحن جميعا (جميع الفصائل ، جميع الأفراد) ناضجين بما فيه الكفاية لنتعلم من أخطائنا وتتطور. لسنا بحاجة للتذكير بقائمة طويلة من الاضطهادات والانتفاضات (1921 ، 1929 ، 1936-1939 ، 1947-1950 ، 1956 ، 1967 ، 1970-1977 ،...)؟ لسنا بحاجة للتذكير بالتضحيات والنجاحات التي تحققت مثلا انتفاضة 1936-1939 ، معركة الكرامة 1968 ، وتألق أول انتفاضة الحجارة 1987-1993 (انتفاضة غير عنيفة إلى حد كبير) ، و هل لم نتعلم بعض الدروس من الكثير الكثير من هذا التاريخ؟ الم تكن من هذه الدروس المستفادة مزيد من التنظيم وزيادة العمل وقلة الكلام؟ الم نعدل ونغيير ونتطور ونصمد؟ اليس البقاء على قيد الحياة على الأرض هو في حد ذاته أكثر من احباط لبرنامج التطهير العرقي؟ ألم تكن هذه المقاومة ما تركت 5 ملايين فلسطيني ما زالوا يعيشون في وطننا التاريخي (4 اضعاف ما كان يوجد قبل 1948) مع مواجهة لاستعمار يكون من اكثر الشراسة والقوة في تاريخ الامبريالية عبر التاريخ الاستعماري؟
ولماذا البعض منا (أي البشر كل البشر) ييأس أو حتى يتعاون مع أعداء السلام والعدالة؟ وللإسرائيليين الذين يريدون العيش في سلام أليس من الأفضل للحصول على معلومات حول الظلم والتطهير العرقي وثم البدء في عملية المصالحة الحقيقية المبنية على استرجاع الحقوق؟ لوسائل الإعلام الغربية لماذا تعتقدون أن يلجم غضب و تقمع تطلعات 10 مليون فلسطيني 300 مليون عربي 1.5 مليار مسلم وحوالي 6 مليارات من البشر الذين يتطلعون للسلام والعدالة؟ لماذا تنظروا للحرب كحل لأي شيء؟
في صفوف الفلسطينيين كنا دائما نجد أن الأجيال الأكبر سنا يشعرون بالتعب وتريد الاستسلام وتريد لجم الأجيال الشابة من خطوة تحمل المسؤولية؟ أليس الوقت قد حان لترك كل شيء وجمع كل الفلسطينيين (وليس فصيل معين أو أيديولوجية سياسية معينة) كل يوم للتحدث في تواضع وإخاء لتسوية الخلافات؟ ألا يمكن لنا جميعا استعمال الهاتف والبريد الإلكتروني وغيرها ودعوتهم لاجتماع فعلي واذا تعذر ذلك فاجتماع عبر الأثير؟ وبالنسبة لأولئك الذين ليسوا فلسطينيين ، ما الذي يمكنك عمله لضمان حدوث هذه المصالحة؟ وللجميع لماذا لا نضيء شمعة بدل أن نلعن الظلام(والظلم)؟
This page can be viewed in English Italiano Deutsch |
|